Written by: دكتور محمود غلاب
تُعَدُّ الأورام الليفية من الحالات الطبية الشائعة التى تُصيب العديد من النساء فى مختلف المراحل العمرية. هذه الأورام غالبًا ما تكون حميدة و لا تتحول إلى أورام سرطانية، لكنها قد تسبب مجموعة من الأعراض التى تؤثر على نوعية حياة المريضة. تشمل هذه الأعراض النزيف الشديد خلال الدورة الشهرية، الألم فى منطقة الحوض، و زيادة فى حجم البطن.
علاج الأورام الليفية
فى العقود الأخيرة، تطورت تكنولوجيا العلاج بشكل كبير، مما أتاح خيارات جديدة و أكثر فعالية لعلاج الأورام الليفية. واحدة من أبرز هذه الخيارات هى الأشعة التداخلية، والتى تُعَدُّ بديلاً غير جراحى للعلاجات التقليدية. تعتمد هذه التقنية على استخدام الأشعة لتوجيه أدوات طبية دقيقة إلى داخل الجسم لعلاج الأورام مباشرة، و هو ما يقلل من المخاطر و المضاعفات المرتبطة بالعمليات الجراحية.
فى هذه المقالة، نستعرض تعريف الأورام الليفية و أسباب ظهورها و أعراضها، قبل أن نتعمق فى كيفية استخدام الأشعة التداخلية كوسيلة علاجية فعالة. سنتناول كذلك فوائد هذه التقنية و مراحل العلاج بها، بدءًا من التحضير وصولاً إلى فترة التعافى. نهدف من خلال ذلك إلى تقديم صورة شاملة و مفصلة عن هذا الخيار العلاجى الحديث، و مدى فعاليته فى تحسين حياة النساء المصابات بالأورام الليفية.

ما هى الأورام الليفية؟
الأورام الليفية هى نموات غير سرطانية تتشكل فى الرحم، و تعتبر من أكثر الأورام الحميدة شيوعًا بين النساء فى سن الإنجاب. تتكون هذه الأورام من نسيج عضلى و ليفى، و تتفاوت فى حجمها و شكلها، حيث يمكن أن تكون صغيرة جدًا لدرجة عدم الإحساس بها، أو كبيرة جدًا تسبب انزعاجًا كبيرًا و تؤثر على وظائف الجسم.
أسباب ظهور الأورام الليفية
حتى الآن، لم تُفهم أسباب ظهور الأورام الليفية بشكل كامل. و مع ذلك، يُعتقد أن هناك عوامل وراثية و هرمونية تلعب دورًا كبيرًا فى تشكلها. من المعروف أن هرمونى الإستروجين و البروجستيرون يعززان نمو الأورام الليفية، حيث تكون هذه الأورام نادرة قبل سن البلوغ و تقل فى الحجم بعد انقطاع الطمث. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب بعض العوامل البيئية و نمط الحياة دورًا فى زيادة خطر تطور الأورام الليفية، مثل السمنة، و النظام الغذائى الغنى بالدهون الحمراء، و انخفاض استهلاك الفواكه و الخضروات.
أعراض الأورام الليفية
تختلف أعراض الأورام الليفية بناءً على حجمها و موقعها فى الرحم. قد لا تشعر بعض النساء بأى أعراض على الإطلاق، بينما قد يعانى البعض الآخر من أعراض شديدة تؤثر على حياتهن اليومية. تشمل الأعراض الشائعة للأورام الليفية:
- نزيف رحمى غير طبيعى، مثل فترات حيض ثقيلة أو طويلة.
- ألم أو ضغط فى منطقة الحوض.
- تضخم البطن أو شعور بالامتلاء.
- تكرار التبول أو صعوبة فى التبول.
- ألم أثناء الجماع.
- مشاكل فى الحمل أو العقم.
فهم هذه الأعراض و التعرف على الأورام الليفية يمكن أن يساعد فى التشخيص المبكر و العلاج الفعّال. إذا كنت تعانى من أى من هذه الأعراض، فمن المهم استشارة الطبيب للحصول على تقييم دقيق و خطة علاجية مناسبة.
الأشعة التداخلية كوسيلة علاجية
الأشعة التداخلية تُعتبر واحدة من أحدث التقنيات الطبية التى تُستخدم فى علاج مجموعة متنوعة من الأمراض، بما فى ذلك الأورام الليفية. هذه التقنية تجمع بين الطب الإشعاعى و التدخل الجراحى الدقيق، مما يتيح علاج الحالات المرضية بأقل تدخل جراحى ممكن. فى هذا القسم، سنتناول تعريف الأشعة التداخلية، كيفية عملها، و مزاياها كوسيلة علاجية.
ما هى الأشعة التداخلية؟
الأشعة التداخلية هى تخصص طبى يجمع بين الأشعة التشخيصية و التدخل الجراحى الدقيق. تُستخدم تقنيات التصوير مثل الأشعة السينية، و الموجات فوق الصوتية، و الرنين المغناطيسى لتوجيه أدوات دقيقة إلى داخل الجسم بهدف علاج الأمراض أو أخذ عينات منها. تتضمن هذه الأدوات عادةً أنابيب رفيعة تُعرف بالقسطرة، التى يتم إدخالها من خلال الجلد للوصول إلى المنطقة المستهدفة.
كيف تعمل الأشعة التداخلية
تعتمد الأشعة التداخلية على تقنيات التصوير لتحديد موقع الورم الليفى بدقة. يتم إدخال قسطرة رفيعة عبر الجلد وصولاً إلى الأوعية الدموية التى تغذى الورم الليفى. بمجرد وصول القسطرة إلى الموقع المستهدف، يتم حقن مواد خاصة تعمل على غلق الأوعية الدموية المحيطة بالورم، مما يؤدى إلى انقطاع تدفق الدم إليه و تسبب فى تقلصه و اختفائه بمرور الوقت.
مزايا الأشعة التداخلية
تتميز الأشعة التداخلية بالعديد من المزايا التى تجعلها خياراً مفضلاً لعلاج الأورام الليفية:
- تدخل جراحى أقل: لا تتطلب الجراحة التقليدية، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالجراحة مثل العدوى و النزيف.
- وقت تعافي أسرع: يتمكن المرضى من العودة إلى حياتهم اليومية بشكل أسرع مقارنة بالجراحة التقليدية.
- دقة عالية: تساعد تقنيات التصوير المتقدمة فى تحديد موقع الورم بدقة، مما يزيد من فعالية العلاج.
- أقل ألم و انزعاج: الإجراء يتم تحت تأثير التخدير الموضعى، مما يقلل من الألم و الانزعاج مقارنة بالجراحة التقليدية.
- تجنب الندبات: نظرًا لأن الإجراء يتم من خلال فتحة صغيرة فى الجلد، فإن الندبات التى تتركها تكون أقل بكثير من تلك الناتجة عن الجراحة التقليدية.
باستخدام الأشعة التداخلية، يمكن للأطباء تقديم علاج فعال و آمن للمرضى الذين يعانون من الأورام الليفية، مما يوفر لهم بديلاً حديثاً و فعّالاً عن الجراحة التقليدية.
فعالية علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية
تعتبر الأشعة التداخلية واحدة من أحدث الوسائل العلاجية التى أحدثت نقلة نوعية فى علاج الأورام الليفية. تعتمد هذه التقنية على استخدام الأشعة لتوجيه أدوات دقيقة إلى مكان الورم الليفى بهدف تقليصه أو القضاء عليه تمامًا. تتضمن فعالية هذا العلاج عدة جوانب هامة يجب تسليط الضوء عليها:
التحضير للعلاج
قبل البدء فى علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية، يجب أن يخضع المريض لعدة فحوصات طبية لتحديد حجم و موقع الورم الليفى بدقة. تشمل هذه الفحوصات الأشعة السينية، التصوير بالرنين المغناطيسى، و الأشعة المقطعية. يتم تقييم الحالة الصحية العامة للمريض لضمان عدم وجود موانع صحية تحول دون استخدام هذه التقنية. يتلقى المريض أيضًا شرحًا مفصلًا عن الإجراء، المخاطر المحتملة، و الفوائد المتوقعة.
العملية و الإجراء
يتم تنفيذ العلاج بالأشعة التداخلية تحت تأثير تخدير موضعى أو عام، حسب حجم الورم و موقعه. يستخدم الطبيب جهاز تصوير بالأشعة لتوجيه إبرة دقيقة إلى الورم الليفى عبر الجلد. بعد الوصول إلى الورم، يتم توجيه طاقة حرارية أو موجات راديوية عبر الإبرة لتقليص حجم الورم أو تدميره. هذا الإجراء يتميز بالدقة العالية و يقلل من الأضرار التى قد تصيب الأنسجة السليمة المحيطة بالورم.
ما بعد العلاج و التعافى
بعد الانتهاء من الإجراء، يتم نقل المريض إلى غرفة المراقبة لفترة قصيرة للتأكد من استقرار حالته. يمكن للمريض عادة العودة إلى منزله فى نفس اليوم أو فى اليوم التالى. يعتمد وقت التعافى الكامل على حجم الورم و موقعه، و كذلك على الحالة الصحية العامة للمريض. قد يشعر المريض ببعض الألم أو عدم الراحة فى موقع الإبرة، و لكن هذا الشعور يكون مؤقتًا و يزول بعد بضعة أيام.
تشير الدراسات إلى أن علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية يُعَدُّ فعالًا جدًا فى تقليل حجم الأورام و تحسين الأعراض المرتبطة بها مثل الألم و النزيف. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر هذا العلاج أقل تدخلاً مقارنة بالجراحة التقليدية، مما يقلل من مخاطر العدوى و مضاعفات ما بعد الجراحة. يمكن للمريض العودة إلى نشاطاته اليومية بشكل أسرع، مما يُعزز من جودة الحياة بعد العلاج.
بفضل هذه المزايا و الفعالية العالية، أصبحت الأشعة التداخلية خيارًا مفضلًا للكثير من المرضى الذين يعانون من الأورام الليفية. و مع استمرار التطورات فى هذا المجال، يُتوقع أن تزداد فعالية و أمان هذه التقنية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الأورام الليفية بطرق أكثر دقة و أقل تدخلاً.
باختتام هذا المقال، يمكن القول أن علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية يمثل نقلة نوعية فى مجال الطب الحديث، حيث يوفر حلاً فعالاً و آمناً للعديد من النساء اللواتى يعانين من هذه المشكلة الصحية. من خلال التعرف على الأورام الليفية و أسباب ظهورها و أعراضها، يمكن للمرضى و أطبائهم اتخاذ قرارات مبنية على معرفة وافية.
الأشعة التداخلية، بفضل تقنياتها المتقدمة، تقدم بديلاً أقل تدخلاً و أكثر أماناً مقارنة بالجراحة التقليدية، مع تحقيق نسب نجاح عالية و تقليل فترات التعافى. من خلال هذا العلاج، يمكن للمرضى أن يستعيدوا حياتهم اليومية بسرعة أكبر و بأقل قدر من المضاعفات.
علاوة على ذلك، يتيح لنا التطور المستمر فى تقنيات الأشعة التداخلية التفاؤل بمزيد من التحسينات و الابتكارات فى مجال علاج الأورام الليفية و غيرها من الحالات المرضية. فى نهاية المطاف، يبقى الهدف الأسمى هو تحسين جودة الحياة للمرضى و توفير خيارات علاجية متعددة تناسب احتياجاتهم الفردية.
نأمل أن يكون هذا المقال قد قدم لكم فهماً شاملاً لعلاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية، وأن يكون دليلاً مفيداً لكل من يبحث عن معلومات دقيقة و مفصلة حول هذا الموضوع.
للتواصل مع عيادة د. محمود غلاب أو حجز موعد:
217طريق الحرية (ش أبو قير) الإبراهيمية GIG المركز العالمى للأشعة التداخلية
يمكنك متابعة قناة دكتور محمود عبد العزيز غلاب: د. محمود غلاب يُجيب | ما هي الأورام الليفية؟

علاج الأورام الليفية بالأشعة التداخلية بدون جراحة – بدون استئصال الرحم | د. محمود عبد العزيز غلاب
تعانى نسبة كبيرة من السيدات من الأورام الليفية سواء فى الرحم أو الثدى، و غالبًا ما يكون الخوف الأكبر هو اللجوء للجراحة أو استئصال الرحم.

التبخير أم الأشعة التداخلية؟ أفضل طرق علاج تضخم البروستاتا و مقارنة شاملة مع نسب النجاح – د. محمود غلاب
يُعد تضخم البروستاتا الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia – BPH) من أكثر المشكلات شيوعًا لدى الرجال بعد سن الأربعين، و قد تطورت وسائل العلاج الحديثة بشكل

علاج آلام الغضاريف و أسفل الظهر بدون جراحة مع د. محمود عبد العزيز غلاب | التردد الحرارى و حقن الأعصاب و المفاصل
تُعد آلام الظهر، الغضاريف، و المفاصل من أكثر المشكلات الصحية انتشارًا، و قد تؤثر بشكل مباشر على قدرة المريض على الحركة و ممارسة حياته اليومية.